
سارة الطيب تكتب :هنا الخرطوم.. وهنا أمل الأمة
اليوم فصل جديد من تاريخ بلادنا يُكتب، عندما عادت الخرطوم من جديد مقرًا للسلطة ومركزًا للحكم، وهو مشوار طويل من الرجاء والأمل خطّته دماء الشهداء من خيرة أبناء وبنات هذا الوطن.
مشوار طويل نحو المجد نتذكره بجهاد شاق خاضه رجال كالأسود، ونتذكر حينما كانت قواتنا تتقدم شارعًا شارعًا، وكانت السيطرة على حيّ واحد بأكمله ضربًا من الأحلام البعيدة المنال.
مئات المعارك، وأرض الخرطوم المضمخة بالدماء الطاهرة الزكية التي غسلت الأدران التي أتى بها حميدتي ومرتزقته، لعنة الله تغشاهم.
وأنا أسجل هذه الأسطر، لا يفوتني أن أذكر كيف أن المدعو “بقال”، المُكنّى لدى عامة الشعب بـ”ربع” أو “نصف كلتشي” — لعنة الله تغشاه أينما كان — كيف كان هذا المعتوه يستفز الشعب السوداني. ونحمد الله أن الخرطوم، التي ادعى هذا الكائن الخلاّق في طبعة أنها سيدته، لن يراها حتى لو جثة هامدة.
وهنا نبعث برسالة إلى قائد فيلق البراء، المصباح أبوزيد طلحة، الذي كتب على صفحته اليوم شهادة قال فيها:
“للتاريخ… الأستاذ بقال لم يحمل سلاحًا في معركة، ولم يُوجه ذخيرةً أبدًا تجاه القوات المنضوية في معركة الكرامة منذ بداية التمرد، بل اقتصر دوره على الظهور أمام عدسة موبايل ‘استيكره’ مكسّر.”
وهذا نعتبره لعبًا بالنار ويمسُّ مباشرة مشاعر شعبنا، كما يمسّ مكانة الفيلق الذي قاتل فيه ضد بقال رجالٌ من الأسود، وليس آخرهم سيد الشهداء مهند.
وأعود لموضوع انعقاد أول جلسة لمجلس الوزراء بمقره بالخرطوم، حيث حكومة الخرطوم — وعلى أبوظبي أن تبحث في قواميسها عن الخرطوم — فما عاد وصف “حكومة بورتسودان” يغطي سوآتها.
إنه يوم للتاريخ، اجتمع فيه الأمل والرجاء مع التفاؤل والطموح، والتطلع بثقة وإيمان لقادم الأيام.
إن كامل إدريس غسل أوجاعنا اليوم بتمكنه من عقد هذه الجلسة التاريخية لمجلس الوزراء، في رمزية تحولية سيسجلها التاريخ، بعد أسوأ كارثة إنسانية بشرية ارتكبها تتار العالم الحديث بمعية داعميهم الشياطين.
إن انعقاد مجلس الوزراء داخل مقره الرسمي يعكس عودة سلطة الدولة الشرعية وعودة رمزية للمؤسسات إلى مسرحها الطبيعي.
كما أن القدرة على عقد جلسة حكومية في المقر الرسمي دليل على تحسن الوضع الأمني والسيطرة المكانية واللوجستية، وهذا يؤكد ويعزز تماسك الدولة بعد فترة صعبة.
ومن الناحية السياسية، يُعتبر ذلك مؤشرًا كبيرًا على عودة مؤسسات الدولة للعمل من داخل مقراتها الرسمية، ويُعزز فكرة أن الحكومة المعترف بها دوليًا استعادت توازنها وشرعيتها، في مواجهة محاولات تشكيل هيكل موازٍ أو الانهيار الإداري.
كما أن إعادة المجلس إلى مقر العمل الرسمي قد تسهم في تحسين قدرة الحكومة على الأداء، التخطيط، إصدار قرارات تنفيذية، إطلاق مشاريع وتحديثات، خاصة في ضوء إكمال تشكيل “حكومة الأمل” من قبل رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، وتشكيل كابينته التكنوقراطية.