الثقافة والفنون

من بندقية الفرح إلى نعش الضحية : بدرالدين عبدالقادر يكتب ✒️

الخرطوم : منصة امدرمان الإخبارية

من بندقية الفرح إلى نعش الضحية
بدرالدين عبدالقادر ✒️

في أرضٍ اعتادت على صوت الرصاص، لم نعد نميّز بين طلقة حرب وطلقة عرس. في شمال كردفان، كما في كثير من بقاع السودان، أصبحت “الفرحة” تحمل في جوفها رعبًا. رصاصة طائشة تنطلق من بندقية مرفوعة للهو، فتسقط على جسد بريء لا علاقة له بالاحتفال،

ليس غريبًا أن نُفجع بين الحين والآخر بخبر وفاة طفل في حيّ شعبي، أو امرأة أصابها رصاص “الفرح” في صدرها أثناء مرورها من أمام منزل يحتفل بزفاف. الغريب حقًا أننا لا نزال نُصرّ على أن نحتفل بالموت بدلًا من الحياة.

القرار الذي أصدره والي شمال كردفان، عبد الخالق عبد اللطيف، بحظر استخدام السلاح في المناسبات الاجتماعية تحت مظلة قانون الطوارئ، لا ينبغي أن يُقرأ كتحذير رسمي، بل كنداء إنساني. كفى للمآتم المتخفّية في اثواب الاعراس ، كفى لدماء الأبرياء التي تُراق باسم “العادات”.

وأن يُعلَن القرار من داخل مسجد، في خطبة الجمعة، فهو إعلان بأن هذه المعركة ليست بين الدولة والمواطن، بل بين الوعي واللاوعي. بين مجتمع يريد الحياة، وآخر يصرّ على العيش في عباءة الفوضى.

الغرامات وحدها لا تكفي، ولا حتى المصادرة؛ فالسلاح في هذه الثقافة ليس مجرد قطعة حديد، بل رمز لرجولةزائفة تبدل الفرح إلى احزان احيانا ، وعادة تحتاج إلى اجتثاث لا إلى ردع. نحن بحاجة إلى ثورة مجتمعية تبدأ من داخل الأسرة، تمر بالمدرسة، وتُذاع وتنشر عبر وسائل الإعلام، وتُبارك من فوق منابر الوعي الديني.

شمال كردفان اليوم تكتب بداية جديدة. لكن البداية الحقيقية ستولد حين نكف عن رفع البنادق في وجوه أفراحنا، ونرفع بدلاً عنها وعينا في وطن ينعم بالامن والسلام .

منصة أمدرمان

مصدر موثوق للأخبار والمعلومات، تقدم تغطية شاملة ومحدثة للأحداث الجارية في السودان والعالم العربي. تأسست المنصة بهدف توفير محتوى إعلامي عالي الجودة، يعكس التنوع الثقافي والسياسي والاقتصادي في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى